سورة الأنفال - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


قوله عز وجل: {إذْ يُرِيكُهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً} فيه وجهان:
أحدهما: أن الله أرى نبيه صلى الله عليه وسلم قلة المشركين عياناً، وقوله {فِي مَنَامِكَ} يريد في عينيك التي هي محل النوم، قاله الحسن.
والثاني: أنه ألقى عليه النوم وأراه قلتهم في نومه، وهو الظاهر، وعليه الجمهور.
وإنما أراه ذلك على خلاف ما هو به لطفاً أنعم به عليه وعلى أمته، ليكون أثبت لقلوبهم وأقدم لهم على لقاء عدوهم، ولولا ذلك لما جازت هذه الحالة من الله تعالى في نبيه صلى الله عليه وسلم.
{وَلَوْ أَرَاكَهُمُ كَثِيراً لَّفِشِلْتُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: لاختلفتم في لقائهم أو الكف عنهم.
والثاني: لجبنتم عنهم وانهزمتم منهم.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: سلّم من الفشل.
والثاني: لجبنتم عنهم وانهزمتم منهم ولكن الله سلم من العدو.
وفيه ثالث: ولكن الله سلم أمره فيهم حتى نفذ ما حكم فيهم به من هلاكهم.


قوله عز وجل {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ} والفشل هو التقاعد عن القتال جبناً.
{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يريد بالريح القوة، وضرب الريح لها مثلاً.
والثاني: يريد بالريح الدولة. ومعناه فتذهب دولتكم، قاله أبو عبيدة.
والثالث: يريد ريح النصر التي يرسلها الله عز وجل لنصر أوليائه وهلاك أعدائه قاله قتادة وابن زيد.
ويحتمل رابعاً، أن الريح الهيبة، وريح القوم هيبتهم التي تتقدمهم كتقدم الريح. ويكون معنى الكلام. فتذهب ريحكم وهيبتكم.


{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ} هم قريش حين خرجوا في حماية العير فنجا بها أبو سفيان، فقال لهم أبو جهل: لا نرجع حتى نرِد بدراً وننحر جزوراً ونشرب خمراً وتعزف علينا القيان، فكان من أمر الله فيهم ما كان.
قوله عز وجل {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعْمَالَهُمْ} قال المفسرون: ظهر لهم في صورة سراقة بن جعشم من بني كنانة فزين للمشركين أعمالهم.
يحتمل وجهين:
أحدهما: زين لهم شركهم.
والثاني: زين لهم قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه وجه ثالث: أنه زين لهم قوتهم حتى اعتمدوها.
{وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} يعني أنكم الغالبون دون المؤمنين.
{وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} يحتمل وجهين:
أحدهما: يعني أني معكم. وفي جواركم ينالني ما نالكم.
الثاني: مجير لكم وناصر. فيكون على الوجه الأول من الجوار، وعلى الوجه الثاني من الإجارة.
{فَلَمَّا تَرَآءَتِ الْفِئَتَانِ} يحتمل وجهين:
أحدهما: فئة المسلمين وفئة المشركين.
والثاني: المسلمون ومن أمدوا به من الملائكة. فكانوا فئتين.
{نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ} والنكوص أن يهرب ذليلاً خازياً، قال الشاعر:
وما ينفعل المستأخرين نكوصهم *** ولا ضَرّ أهل السابقات التقدم.
{وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ} يعني من الملائكة الذين أمد الله بهم رسوله والمؤمنين.
{إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} وإنما ذكر خوفه من الله تعالى في هذا الموضع ولم يذكره في امتناعه من السجود لآدم لأنه قد كان سأل الإنظار إلى قيام الساعة فلما رأى نزول الملائكة ببدر تصور قيام الساعة فخاف فقال {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
قوله عز وجل {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} فيهم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم قوم في قلوبهم شك كانوا تكلموا بالإسلام وهم بمكة، قاله ابن عباس ومجاهد.
والثاني: أنهم المشركون، قاله الحسن.
والثالث: أنهم قوم مرتابون لم يظهروا العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم بخلاف المنافقين.
والمرض في القلب كله هو الشك، وهو مشهور في كلام العرب، قال الشاعر:
ولا مرضاً أتقيه إني لصائن *** لعرضي ولي في الأليّة مفخر
وقوله تعالى {غَرَّ هَؤُلآءِ} يعني المسلمين.
{دينُهُمْ} يعني الإسلام، لأن الله تعالى قلل المشركين في أعين المسلمين ليتقدموا عليهم، وقلَّل المسلمين في أعين المشركين ليستهينوا بهم حتى أظفر بهم المسلمين فقتلوا من قتلوا وأسروا من أسروا.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11